يسعى العراق حالياً لانتهاج سياسة متوازنة ومعتدلة، سواء من خلال رئيسها السيد برهم صالح أو من خلال رئيس وزرائها عادل عبد المهدي، ويشهد العالم على محاولاتهما تضميد جروح العراق ورأب الصدع المتفشي في جسد المجتمع العراقي، وهي محاولة صعبة للغاية في ظل سعي وإصرار بعض الأطراف على تمزيق المجتمع العراقي وشق تماسكه بكافة الطرق والوسائل الممكنة وغير الممكنة، ومن خلال سعي حثيث لاستمرار حالة الصراع والتفكك بين أبناء الشعب العراقي الشقيق، نظراً لأن عودة العراق قوياً متماسكاً يعني طرد الطرف الإيراني من الوجود العراقي وعودته لوحدته المنبوذة مرة أخرى.
ولعل موقف اقتحام مجموعة من المارقين المأجورين لسفارة البحرين في بغداد مؤخراً، في ادعاء بأنه نوع من الاعتراض على استضافة البحرين لورشة العمل التي خصصت لمناقشة الخطة المتعلقة بدعم الولايات المتحدة لخطة السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، هو دليل جديد على التدخل المستفز والعمدي من الجانب الإيراني لتخريب علاقة العراق بدول الخليج من جهة، وللتدليل على قوة وعمق النفوذ الإيراني داخل العراق من جهة أخرى، وهو الدليل الذي تحتاجه إيران لتعلن عن قوتها في ظل تفاقم وتسارع وتيرة التوترات بينها وبين الولايات المتحدة.
من الواضح جلياً أن المجموعة التي قامت بالعمليات التخريبية ضد السفارة البحرينية في بغداد تابعة لإيران وموالية لها، وقد تسبب تصرفهم المشين من تدمير بعض مرافق السفارة وصولاً لرغبتهم في حرق السفارة ذاتها لإحراج الحكومة العراقية كثيراً، ولاسيما أن تلك الأحداث تزامنت مع جهود متواصلة لتدشين عصر جديد من العلاقات البناءة والإيجابية مع دول الخليج، بعد عقود من القطيعة التي تسببت في حدوثها حكومة حزب البعث البائد، وأصاب بالغ تأثيرها الشعب العراقي نفسه أكثر من أي شعب آخر، فقد جثم على صدر العراقيين نظام ديكتاتوري ظالم، تسبب في معاناتهم من نزواته غير المحسوبة، كما تسبب في معاناة بعض الشعوب العربية الأخرى التي عانت من شطحاته الجنونية.
أحزننا كثيراً أن نشاهد محاولات تقويض إيران للعلاقات التي بدأ العراق مؤخراً في بنائها بإصرار مع دول الخليج، وقد رحبت المملكة العربية السعودية بزيارة الرئيس العراقي السابق والحالي للمملكة، بنفس قدر ترحيبها بالزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس وزراء العراق، فقد أوضحت تلك الزيارات الأخوية الودية إمكانية عودة العلاقات الطبيعية بين الدول الشقيقة بعد تباعد عقود من الزمن، كما أعطت زخماً وترحيباً حقيقياً بعودة العراق لمكانته السابقة ووضعه الذي يستحقه على المستويين العربي والإقليمي، وقد توج هذه الزيارات مؤخراً زيارة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد للعراق، في زيارة تاريخية أثلجت صدور جميع شعوب المنطقة.
لاشك لدينا في أن الشعب العراقي أصابه الملل التام والإرهاق البالغ من الحرب والانقسام والتمزق، فأبناء الشعب العراقي، ولا سيما الأجيال الجديدة، تتطلع للعيش بأمان واستقرار، وترغب في العودة للحياة الطبيعية دون حروب أو عداوات، وهم ينظرون لأشقائهم الخليجيين نظرة مودة وأخوة بعيداً عن الأحقاد التي استمات صدام حسين ونظامه في بثها فيهم، وهم لا يرون سبباً في ضعف قوة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية بين دول جوار تجمعهم علاقات جيوإستراتيجية متعددة الأبعاد.
لا يخفى على أي متابع أن حادث السفارة البحرينية مبيت بليل، ومخطط له من قبل بدء أعمال الورشة ذاتها، والحدث ما هو إلا استغلال سياسي وضيع لتحقيق بنود أجندة مشبوهة، لطرف يكره تماماً أن يرى استقرار العراق، ويقض مضجعه أن يرى هذا البلد الذي يسعى حثيثاً للملمة جراحه بعض الراحة أو الهدوء، ولعل الأمر لا يحتاج للكثير من الذكاء لتحديد هوية الفاعل والمفتعل لتلك الأحداث، فها هي إيران تعلن بوضوح تدخلها في كافة مناحي الحياة في العراق دون استحياء، في محاولة مفضوحة لتحويل أرضه لساحة جديدة من ساحات حربها بالوكالة، كما سبق أن فعلت في سورية واليمن ولبنان من قبل.
لم تتأثر الحكومة العراقية فحسب بحادثة اقتحام سفارة البحرين، بل شاركها الحزن جميع الحكومات الوطنية بالمنطقة، المهتمة بأمن وسلامة الدول العربية، والمعنية باستقرار وازدهار شعوبها، فالعراق جزء من الوطن العربي لا يتجزأ منه، وهمها هو همنا جميعاً كعرب، ونحن على يقين من أن كل العراقيين -حتى لو تعاطف البعض منهم عقائدياً مع إيران- فإن ولاءهم وانتماءهم يظل لبلدهم الأم، ولحضارتهم العريقة ولتراب وطنهم الغالي، كما أننا على يقين من انحسار النفوذ الإيراني قريباً وبالتدريج في كامل المنطقة، وخاصة مع وضوح أجندتها المشبوهة وافتضاح سلوكياتها الإجرامية، ومع تنامي الوعي العربي بخطورة إيران وضرورة كبح جماح نفوذها في المنطقة، فإن الوجود الإيراني ذاته سيتآكل ويتراجع حتى حدوده الجغرافية، وهو ما سيتزامن مع وعي ونفاد صبر الشعب الإيراني نفسه، مما سيسفر عنه في النهاية سقوط هذا النظام المشبوه وتفككه وتحرر الجميع من جرائمه وآثامه.
* كاتب سعودي
ولعل موقف اقتحام مجموعة من المارقين المأجورين لسفارة البحرين في بغداد مؤخراً، في ادعاء بأنه نوع من الاعتراض على استضافة البحرين لورشة العمل التي خصصت لمناقشة الخطة المتعلقة بدعم الولايات المتحدة لخطة السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، هو دليل جديد على التدخل المستفز والعمدي من الجانب الإيراني لتخريب علاقة العراق بدول الخليج من جهة، وللتدليل على قوة وعمق النفوذ الإيراني داخل العراق من جهة أخرى، وهو الدليل الذي تحتاجه إيران لتعلن عن قوتها في ظل تفاقم وتسارع وتيرة التوترات بينها وبين الولايات المتحدة.
من الواضح جلياً أن المجموعة التي قامت بالعمليات التخريبية ضد السفارة البحرينية في بغداد تابعة لإيران وموالية لها، وقد تسبب تصرفهم المشين من تدمير بعض مرافق السفارة وصولاً لرغبتهم في حرق السفارة ذاتها لإحراج الحكومة العراقية كثيراً، ولاسيما أن تلك الأحداث تزامنت مع جهود متواصلة لتدشين عصر جديد من العلاقات البناءة والإيجابية مع دول الخليج، بعد عقود من القطيعة التي تسببت في حدوثها حكومة حزب البعث البائد، وأصاب بالغ تأثيرها الشعب العراقي نفسه أكثر من أي شعب آخر، فقد جثم على صدر العراقيين نظام ديكتاتوري ظالم، تسبب في معاناتهم من نزواته غير المحسوبة، كما تسبب في معاناة بعض الشعوب العربية الأخرى التي عانت من شطحاته الجنونية.
أحزننا كثيراً أن نشاهد محاولات تقويض إيران للعلاقات التي بدأ العراق مؤخراً في بنائها بإصرار مع دول الخليج، وقد رحبت المملكة العربية السعودية بزيارة الرئيس العراقي السابق والحالي للمملكة، بنفس قدر ترحيبها بالزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس وزراء العراق، فقد أوضحت تلك الزيارات الأخوية الودية إمكانية عودة العلاقات الطبيعية بين الدول الشقيقة بعد تباعد عقود من الزمن، كما أعطت زخماً وترحيباً حقيقياً بعودة العراق لمكانته السابقة ووضعه الذي يستحقه على المستويين العربي والإقليمي، وقد توج هذه الزيارات مؤخراً زيارة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد للعراق، في زيارة تاريخية أثلجت صدور جميع شعوب المنطقة.
لاشك لدينا في أن الشعب العراقي أصابه الملل التام والإرهاق البالغ من الحرب والانقسام والتمزق، فأبناء الشعب العراقي، ولا سيما الأجيال الجديدة، تتطلع للعيش بأمان واستقرار، وترغب في العودة للحياة الطبيعية دون حروب أو عداوات، وهم ينظرون لأشقائهم الخليجيين نظرة مودة وأخوة بعيداً عن الأحقاد التي استمات صدام حسين ونظامه في بثها فيهم، وهم لا يرون سبباً في ضعف قوة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية بين دول جوار تجمعهم علاقات جيوإستراتيجية متعددة الأبعاد.
لا يخفى على أي متابع أن حادث السفارة البحرينية مبيت بليل، ومخطط له من قبل بدء أعمال الورشة ذاتها، والحدث ما هو إلا استغلال سياسي وضيع لتحقيق بنود أجندة مشبوهة، لطرف يكره تماماً أن يرى استقرار العراق، ويقض مضجعه أن يرى هذا البلد الذي يسعى حثيثاً للملمة جراحه بعض الراحة أو الهدوء، ولعل الأمر لا يحتاج للكثير من الذكاء لتحديد هوية الفاعل والمفتعل لتلك الأحداث، فها هي إيران تعلن بوضوح تدخلها في كافة مناحي الحياة في العراق دون استحياء، في محاولة مفضوحة لتحويل أرضه لساحة جديدة من ساحات حربها بالوكالة، كما سبق أن فعلت في سورية واليمن ولبنان من قبل.
لم تتأثر الحكومة العراقية فحسب بحادثة اقتحام سفارة البحرين، بل شاركها الحزن جميع الحكومات الوطنية بالمنطقة، المهتمة بأمن وسلامة الدول العربية، والمعنية باستقرار وازدهار شعوبها، فالعراق جزء من الوطن العربي لا يتجزأ منه، وهمها هو همنا جميعاً كعرب، ونحن على يقين من أن كل العراقيين -حتى لو تعاطف البعض منهم عقائدياً مع إيران- فإن ولاءهم وانتماءهم يظل لبلدهم الأم، ولحضارتهم العريقة ولتراب وطنهم الغالي، كما أننا على يقين من انحسار النفوذ الإيراني قريباً وبالتدريج في كامل المنطقة، وخاصة مع وضوح أجندتها المشبوهة وافتضاح سلوكياتها الإجرامية، ومع تنامي الوعي العربي بخطورة إيران وضرورة كبح جماح نفوذها في المنطقة، فإن الوجود الإيراني ذاته سيتآكل ويتراجع حتى حدوده الجغرافية، وهو ما سيتزامن مع وعي ونفاد صبر الشعب الإيراني نفسه، مما سيسفر عنه في النهاية سقوط هذا النظام المشبوه وتفككه وتحرر الجميع من جرائمه وآثامه.
* كاتب سعودي